فصل: الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ هَذَا السَّبَبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ الثَّالِثُ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ:

وَفِيهِ بَحْثَانِ:

.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي حَدِّ السَّبَبِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ حَدُّهُ أَنْ يَفْعَلَ الْبَائِعُ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ كَذَلِكَ وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصِّحَاحِ لَا تلقوا الركْبَان للْبيع وَلَا بيع بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا بيع حَاضِرٌ لَبَادٍ وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْمُصراة الْمَتْرُوك حلابها لِتجمع اللَّبَنُ فَيَغْتَرُّ مُشْتَرِيهَا بِكِبَرِ ضَرْعِهَا وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الِاجْتِمَاعُ وَمِنْهُ الصَّرَاءُ لِلْمَاءِ الْمُجْتَمِعُ وَالصَّرَاةُ بِالْعِرَاقِ لِأَنَّهُ مُجْتَمَعُ الْمِيَاهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة} أَيْ فِي نِسَاءٍ مُجْتَمِعَاتٍ وَيُقَالُ صَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَلَيْسَ مِنَ الصَّرِّ الَّذِي هُوَ الرَّبْطُ وَالْإِبِلُ مصرورة مَعَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَصْرُورَةً وَالصَّوَابُ فِي لفظ الحَدِيث تبصر الْإِبِلَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ مِنَ الْإِبِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} لِأَن صراء مثل زكاء وَكثير يقرؤونه بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ من صراء رُبَاعِيًّا بِالْأَلْفِ بَلْ مِنْ صَرَّ ثُلَاثِيًّا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ لَامَ الْإِبِلِ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَقَالَ الْخَطَابِيُّ يَجُوزُ أَن يكون الْمُصراة بِمَعْنى المصررة فأبدلت إِحْدَى الرائين أَلِفًا كَقَوْلِهِمْ تَقَضَّى الْبَازِي أَيْ تَقَضَّضَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قد أَفْلح من زكاها وَقد خَابَ من دساها} أَيْ مَنْ دَسَّسَهَا فَأُبْدِلَتِ السِّينُ أَلِفًا وقَوْله تَعَالَى {ثمَّ ذهب إِلَى أَهله يتمطى} أَيْ يَتَمَطَّطُ فَأُبْدِلَتِ الطَّاءُ الثَّانِيَةُ أَلِفًا وَفِي الْكِتَابِ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ رَأْيٌ لِأَحَدٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِهِ الْخَبَرَ عَلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِهِ خِلَافَ مَا حَكَاهُ عَنْهُ الْبَغْدَادِيُّونَ وَفِي الْكِتَابِ فِي مَعْنَى التَّصْرِيَةِ تَلْطِيخُ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ لِيَظُنَّ أَنَّهُ كَاتِبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ قَائِمٌ مَقَامَ الشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ لِأَنَّ لِسَانَ الْحَالِ يَقُومُ مَقَامَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ج ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ حَتَّى فِي التَّصْرِيَةِ وَاتَّفَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَعَ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَلَفَهَا وَمَلَأَ خَوَاصِرَهَا لِيَظُنَّهَا حَامِلًا وَلَطَّخَ أَطْرَافَ أَنَامِلِهِ بِالْمِدَادِ وَوَضَعَ فِي يَدِهِ أَقْلَامًا لِيَظُنَّهُ كَاتِبًا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلرَّدِّ لِقِلَّةِ وُقُوعِ مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِغَيْرِ هَذَا الْغَرَضِ فَجَزْمُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَضْعٌ لِلظَّنِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَعَنْ مَالِكٍ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْحَدِيثِ تَقْدِيمٌ لِلْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْمُصَرَّاةِ وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا وَجُعِلَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَلِمَالِكٍ يَرُدُّ مَا حَلَبَ تَمْرًا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا رَضِيَ بَائِعُهَا بِقَبُولِهَا جَازَ وَمُنِعَ غَيْرُهُ لِتَوَلُّدِ اللَّبَنِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ إِقَالَةً بِزِيَادَةٍ احْتَجَّ ح عَلَى أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ وَلَا تُوجِبُ الرَّدَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا رَأَى ضَرْعَهَا كَبِيرًا وَظَنَّهُ لَبَنًا وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّ اتِّفَاقًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ كَثِيرُ الْحَدِيثِ جِدًّا وَقَدْ قَالَ النَّخَعِيُّ كَانُوا لَا يَقْبَلُونَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب دون الْأَحْكَام.
وَالثَّانِي اضْطِرَاب مِنْهُ فَرَوَاهُ صَاعا من تمر وصاعا من طَعَام أَو مثله ثمنهَا قَمْحًا الثَّالِثُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الرَّدَّ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ وَلَا شَرْطٍ بَلْ نُقْصَانُ اللَّبَنِ لَوْ كَانَ عَيْبًا لَرَدَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيَةٍ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَ الْخِيَارَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالْخِيَارُ لَا يَتَقَدَّرُ إِلَّا بِالشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ وَاجِب بدل اللَّبن مَعَ قيماته وَالْأَعْيَانُ لَا تُضْمَنُ بِالْبَدَلِ إِلَّا مَعَ فَوَاتِهَا لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ تَمْرًا وَاللَّبَنُ يَضْمَنُ اللَّبَنَ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَهُ بِصَاعٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْبَدَلِ وَالْأَصْلُ مُسَاوَاةُ الْبَدَلِ لِلْمُبْدَلِ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْجَمْعِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الصَّاعَ إِنَّمَا كَانَ ثَمَنُهُ ثَمَنَ الشَّاةِ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ الشَّاةَ بِصَاعِ تَمْرٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا مَعَ صَاعٍ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ شَاةً وَصَاعًا بِصَاعٍ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِلْأُصُولِ وَهُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَالْأُصُولُ مُتَوَاتِرَةٌ وَالْمُتَوَاتِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآحَادِ عِنْدَ التَّعَارُضِ إِجْمَاعًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى تَسْوِيدِ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ عِنْده يُوجب الرَّد وعَلى الثَّانِي الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَة سبع مائَة مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَا مِنْ مُصَنَّفٍ فِي الصِّحَاحِ إِلَّا وَفِيهِ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَضُرُّهُ فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى الْعَيْبِ وَالْخِيَارِ فَالْمَقْصُودُ لَا اضْطِرَابَ فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ لَيْسَ من شَرط الشَّرْع أَن لَا يُشَرِّعَ حُكْمًا وَإِلَّا لَكَانَتِ الشَّرِيعَةُ كُلُّهَا مُتَمَاثِلَةً وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَالسَّلَمُ وَالْقِرَاضُ وَالْإِجَارَةُ وَالْحِمَالَةُ وَغُرَّةُ الْجَنِينِ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ فَلِذَا أَخْبَرَ الشَّرْعُ عَنْ حُكْمٍ وَجَبَ اعْتِقَادُهُ لِمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ الْأُصُولُ مُتَوَاتِرَةٌ فَتَخْصِيصُ الْقُرْآنِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ فَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ مِنْهُ فِي النَّقْلِ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ إِنَّا نُجِيبُ عَنِ التَّفْصِيلِ فَنَقُولُ أَمَّا قَوْلُكُمْ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَا نُسَلِّمُ لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِالْعَيْبِ إِلَّا فَوَاتَ أَمْرٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ عَنْ شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ تَغْرِيرٍ وَهَذَا نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ عَنْ تَغْرِيرٍ وَإِنَّمَا التَّغْرِيرُ بِالْمُدَّةِ فَلْيُوقِفْ ظُهُورَ التَّدْلِيسِ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِّ وَضَرُورَةُ الْخِيَارِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى حَدٍّ فَلِذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ وَأَمَّا الْبَدَلُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْعَيْنِ بِاخْتِلَاطِهِ مَعَ لَبَنِ الْمُشْتَرِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَعْدُومِ وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ بِالصَّاعِ فَلِتَقْلِيلِ الْخُصُومَاتِ بِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ كَالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ اخْتِلَافِهِ وَكَذَلِكَ الْمُوضِحَةُ مَعَ اخْتِلَافِهَا وَاخْتِلَافِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي السَّرَفِ وَالْحَمِيَّةِ وَأَمَّا تَوْصِيلُهُ لِلرِّبَا فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الرِّبَا فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْفُسُوخِ ثُمَّ الْحَدِيثُ يَدُلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بِمَا فِيهِ مِنَ النَّهْيِ كَقَوْلِهِ لَا نصروا الْإِبِلَ وَالنَّهْيُ يَعْتَمِدُ الْمَفْسَدَةَ وَالْفَسَادُ عَيْبٌ وَثَانِيهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ وَالتَّخْيِيرُ يَعْتَمِدُ وُجُودَ الْعَيْبِ وَثَالِثُهَا إِيجَابُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُبْدَلَةِ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ.

.الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ هَذَا السَّبَبِ:

فَفِي الْكِتَابِ الْمُصَرَّاةُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْعَامِ سَوَاءٌ فَإِذَا حَلَبَهَا ثَانِيَةً وَتَبَيَّنَ النَّقْصَ فَإِمَّا رَضِيَهَا أَوْ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْشُ الْبَلَدِ التَّمْرَ فَصَاعٌ مِنْ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ وَلِأَنَّهُ رُوِيَ مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحًا فَطَرِيقُ الْجَمْعِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَعَيَّنُ التَّمْرُ لِسَائِرِ الْبِلَادِ فَإِنْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً وَقَدْ حَصَلَتِ الْخِبْرَةُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا لَا رَدَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا لِلِاخْتِبَارِ وَإِذَا رَدَّهَا لَمْ يَرُدَّ لَبَنَهَا وَإِنْ كَانَ قِيَاسًا بِغَيْرِ صَاعٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لوُجُوب الصَّاع أَولا وَلَيْسَ للْبَائِع أَن يقلبها بِغَيْرِ لَبَنٍ وَصَاعٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَجَازَ سَحْنُونٌ أَخْذَهَا بِلَبَنِهَا وَجَعَلَهَا إِقَالَةً وَقِيلَ إِنَّمَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ إِذَا حَلَبَهَا بِالْحَضْرَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَتَوَلَّدُ لَبَنٌ وَعَلَى هَذَا لَا يُعْرَفُ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَلْبَةُ الثَّانِيَةُ رِضًا خِلَافًا لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ يطن نَقْصَ اللَّبَنِ لِاخْتِلَافِ الرَّعْيِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالثَّالِثَةِ وَقَالَهُ ش قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا كَانَت جملَة غنم احتلف هَلْ صَاعٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَعْرَضَ فِي هَذَا عَنِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي اللَّبَنِ أَوْ لِكُلِّ شَاةٍ صَاعٌ وَهُوَ الْأَصْوَبُ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ فِي شَاةٍ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الشَّاةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ مُسَاوَاةُ الْبَدَلِ لِلْمُبْدَلِ خُولِفَ اللَّبَنُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ لَبَنِ الْمُشْتَرِي أَمَّا عَدَدُ الشِّيَاهِ فَمُنْضَبِطٌ وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ لِأَنَّ لَبَنَ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ فَلَبَنُ الْغَنَمِ أَحَقُّ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ شَاةُ الْمُصَرَّاةِ وَالْحَالِفُ بِنَحْرِ وَلَدِهِ فَهَذَا وَاحِدٌ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَالْمُؤَخِّرُ قَضَاءَ رَمَضَانَ سَنَةً فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَة وَكَذَلِكَ السنون وَالْوَطْء فِي رَمَضَانَ مَرَّةً وَمَرَّاتٍ سَوَاءٌ إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ وَالْيَمِينُ لَهَا كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ الْأَيْمَانُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَقَذْفُ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ يُوجِبُ حَدًّا وَاحِدًا وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَالتَّطَيُّبُ مَرَّةً فِي الْحَجِّ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَكَذَلِكَ الْمَرَّاتُ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ مَرَّةً عَلَيْهِ الثُّلُثُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَرَّرَ الْحَلِفَ وَقِيلَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا وَكَذَلِكَ الْكِلَابُ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالتَّصْرِيَةِ قَبْلَ الْحِلَابِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ قَبْلَ الْحِلَابِ وَلَهُ الِاخْتِيَارُ فِي الْحِلَابِ هَلْ يَنْقُصُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَلَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ الْحَلْبَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ وَقَبِلَهُ بَطَلَ الرَّدُّ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ رَدَّهَا وَقَدْ أَكَلَ لَبَنَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَاعٌ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ الصَّاعُ عِوَضَ اللَّبَنِ الَّذِي أَخَذَهُ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَقَامَ الشَّرْعُ الصَّاعَ مَقَامَهُ جَوَابُهُ مَبِيعٌ لَا يَجُوزُ مُقَابَلَتُهُ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ لِلْجَهْلِ بِهِ فَلَا يَرُدُّ عَنْهُ شَيْئًا وَالرَّدُّ فِي التَّصْرِيَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَإِذَا هَلَكَتْ قَبْلَ الْخِيَارِ فَمِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ التَّصْرِيَةَ عَيْبٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي زَمَنِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْلِبُ وَهُوَ يَعْلَمُهُ وَهِيَ إِنَّمَا تُرَادُ لِلْحِلَابِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَصُبْرَةٍ يَعْلَمُ الْبَائِعُ كَيْلَهَا دُونَ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا وَإِن بَاعَ وَإِنْ بَاعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحِلَابِ فَحَلَبَهَا فِي زَمَنِهِ فَلَمْ يَرْضَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ عَرَفَ الْبَائِعُ حِلَابَهَا أَمْ لَا لِأَنَّ أَحْوَالَ الْحَيَوَانِ تَتَغَيَّرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَاللَّبن هَا هُنَا لِلْمُبْتَاعِ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُصَرَّاةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ ظن غزارة اللَّبن تكبر الضَّرْعِ فَوَجَدَهُ لَحْمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَكْثُرُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ فَلَهُ رَدُّهَا فِي الْإِبَّانِ إِذَا وجدهَا فليلة لفَوَات مَا هُوَ مصمون عَادَةً إِذَا كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ ذَلِكَ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُزَادُ عَلَى الصَّاعِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ لِقِلَّتِهِ كَالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ وَلَا يَلْتَفِتُ لِغَلَائِهِ وَرُخْصِهِ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ أَوْ تَزِيدُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَا سَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَعْرَضَ عَمَّا يتَوَقَّع فِي صورها دفعا لمفدسة الْخُصُومَاتِ وَنُدْرَةِ ذَلِكَ الْمُتَوَقَّعِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِنْ غَالَبِ قُوتِ الْبَلَدِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ فَحُمِلَتْ رِوَايَةُ التَّمْرِ عَلَى أَنَّهُ غَالِبُ قُوتِ الْمَدِينَةِ وَإِذَا رَضِيَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَرَدَّ بِعَيْبٍ آخَرَ فَقِيلَ يَرُدُّ الصَّاعَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَبِيعٌ فِي الْحَالَيْنِ.

.النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلِينَ:

فِي الْكِتَابِ لَهُ التَّمَسُّكُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ الرَّدُّ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ مَعَ التَّمَسُّكِ أَرْشٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ سُؤَالٌ لَوْ بَاعَ أَثْوَابًا فَسَلَّمَهَا الْبَائِعُ إِلَّا ثَوْبًا فَلِلْمُبْتَاعِ التَّمَسُّكُ وَالرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الثَّوْبِ وَالْعَيْبُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ بَقِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ الْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ أَعْيَانٌ متميزة والفائت هَا هُنَا صِفَةٌ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّمَ غَيْرَ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يُسَلَّمُ وَهَذَا مَبِيعٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا فَسَلَّمَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ قَبْلَ الرَّدِّ وَجَهِلَ الْوَرَثَةُ الثَّمَنَ فَوَسَطُ الْقِيمَةِ عَدْلًا بَيْنَهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فَامْتَنَعَ الرَّد وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا مَاتَ الْمُتَبَايِعَانِ فَثَبَتَ الْعَيْبُ وَجَهِلُوا الثَّمَنَ وَفَاتَ الْعَبْدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ فَوْتٌ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ مِنْ أَوْسَطِ الْقِيَمِ يَوْمَ الْقَبْضِ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ بَلْ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ لَيْسَ فَوْتًا بَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَسَطِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ يَوْمُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْقيمَة هَا هُنَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا وَتَتَوَجَّهُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ وَيَمِينُ التُّهَمِ تَتَوَقَّفُ الْأَحْكَامُ عَلَيْهَا فَإِنَّ حَلَفَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ عَلَى الْعِلْمِ وَنَكَلَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ حَتَّى يَحْلِفُوا فَلَوْ حَلَفَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ الْآخَرُ اكْتُفِيَ بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ مِنْ حَبْسٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ جَهِلُوا الثَّمَنَ وَتَصَادَقُوا عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ حَلَفُوا جَمِيعًا وَرُدَّ الْبَيْعُ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رُدَّ بِالْعَيْبِ وَكَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا رَجَعَ فِي عَيْبِهِ فَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَمَا فَوْقَهُ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهَا رَجَعَ فِي عَيْبِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَيَأْخُذُهُ وَإِنْ فَاتَ فَمِثْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ إِنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ تُفِيتُ الْمِثْلِيَّ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ.
فرع:
فِي الْكتاب إِذا بعث ثَوْبًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ مِنْ عِنْدِكَ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ وَالْآخر رَدُّ نِصْفِهِ وَأَخَذُ نِصْفِ الثَّمَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ تَمَامِ الثَّمَنِ إِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَرْجِعُ بِالْعَيْبِ إِنْ بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لِاسْتِحْقَاقِهِ إِيَّاهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَعَلَى رِوَايَةِ أَشهب لَا يرد لِأَنَّهُ ينْقض عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَقْبَلَ مِنْهُ الرَّدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ كَالْبَيْعِ مِنَ الشَّرِيكِ فَإِنْ عَلِمَا بِالْعَيْبِ قَبْلَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لكل وَاحِد مِنْهَا الرَّدُّ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ مَرَّةً إِمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَا جَمِيعًا أَوْ يَرُدَّا جَمِيعًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَقَالَهُ ح وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمُرِيدِ الرَّدِّ إِجْبَارُ صَاحِبِهِ لِالْتِزَامِهِمَا أَحْكَامَ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ وَأَنْ يُقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ إِعْطَاءِ الرَّادِّ قِيمَةَ عَيْبِ نِصْفِهِ أَوْ يَقْبَلُهُ وَيُعْطِيهِ نِصْفَ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي التَّفْرِيقِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَرْتَ الرَّدَّ وَإِعْطَاءَ الْأَرْشِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَكَ دَفَعْتَ أَرْشَ عَيْبٍ طَرَأَ عَلَى مَعِيبٍ لِأَنَّهُ الَّذِي تَعَيَّبَ عِنْدَكَ وَضَمِنْتَهُ بِالْقَبْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَرْشُ الْعَيْبِ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ لَا مِنَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ لَمْ يُسَلَّمْ وَإِنْ أَرَادَ السِّلْعَةَ وَأَرْشَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ رَدَّ أَرْشَ مَعِيبٍ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ عِنْده بِعَيْب وَقَالَ ابْن المعذل كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْعَيْبِ يَوْمَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ فَسْخُ بَيْعٍ كَمَا يَرُدُّ نَمَاءَهُ وَنُقْصَانَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فَأَمَّا الْعَيْبُ الْقَدِيمُ فَيُنْسَبُ إِلَى الثَّمَنِ يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يسلم مَالا يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ مُقَابِلُ الْجُزْءِ الْفَائِتِ بِالْعَيْبِ وَيَرُدُّهُ وَإِلَّا فَسَخَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْعَيْبَ فَاتَ بيد المُشْتَرِي فَيتم فِيهِ البيع قيرد حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ وَرَدَّ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ الْمَأْكُولُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَا نَقَصَهُ مِنَ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ صِنَاعَةٍ كَالْقَطْعِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَنَحْوِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا دَلَّسَ فَنَقَصَ الْمَبِيعُ أَوْ هَلَكَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ كَالسَّارِقِ يَسْرِقُ فَيُقْطَعُ أَوِ الْمَجْنُونِ أَوِ الْآبِقِ يَأْبِقُ فَيَهْلَكُ فِي مَفَازَةٍ فَضَمَانُهُ مِنَ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ الْأَرْشَ أَوْ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَمَا حَدَثَ بِهِ مِنْ عَيْبٍ غَيْرِ التَّدْلِيسِ فَمِنَ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ الْأَرْشَ إِنْ رَدَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَمْ يُقْطَعْ فَرد على البَائِع وَكَلَام الْمَسْرُوق مِنْهُ من الْبَائِعِ فِي جِنَايَةِ السَّرِقَةِ يَفْدِيهِ أَوْ يُسَلِّمُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ أَوِ الرَّدِّ وَيَرُدُّ مَا نَقَصَهُ عَيْبُ الْقَطْعِ إِنْ قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ خُيِّرَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ وَيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمُدَلِّسِ مِنْ ثَالِثٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ عِنْدَ الثَّالِثِ رَجَعَ الثَّالِثُ عَلَى الْأَوَّلِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا دَفَعَ لِلثَّانِي فَيكون الْفَصْل لِلثَّانِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُعَدُّ مُدَلِّسًا عَلَى الثَّالِثِ لِأَنَّ الْوَسَطَ لَوْ عَلِمَ لَأَعْلَمَ قَالَ أَصْبَغُ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنَ الْأَوَّلِ فَيُدْفَعُ لِلثَّالِثِ مِنْهُ قِيمَةُ الْعَيْبِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى الثَّانِي وَالْبَاقِي لِلْوَسَطِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُدَلِّسِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالثَّانِي إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي بِالْأَرْشِ فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِمَّا غَرِمَ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَهُ أَوْ قِيمَةُ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ رُجُوعُ الثَّالِثِ عَلَى الْأَوَّلِ هَا هُنَا بِمَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ الثَّانِي إِذَا طَالَبَهُ الثَّالِثُ بِالْأَرْشِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ ذَهَبَ كثير من المتأولين أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَقَصَهُ الصِّبْغُ أَوِ الْقَطْعُ فِي التَّدْلِيسِ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوِ الْإِمْسَاكُ وَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ خَاصٌّ بِالصِّبْغِ وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فِي الْقَطْعِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرَّدَّ بِغَيْرِ غُرْمٍ وَقَالَ ابْنُ مُنَاصِرٍ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحْتَاجُ قَطْعُهُ إِلَى غُرْمِ كَالدِّيبَاجِ وَالْخَزِّ فَهُوَ كَالصِّبْغِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَهُ الْإِمْسَاكُ وَأَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ فِي التَّدْلِيسِ إِذَا قطع وَفِي كتاب مُحَمَّد لَيْسَ لَهُ إمْسَاك بِخِلَاف الصَّبْغ لَيْلًا يَذْهَبَ صِبْغُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَطْعِ.
قَالَ اللَّخْمِيّ النَّقْصُ مَعَ التَّدْلِيسِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إِنْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ لِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَو يُرَاد وَهُوَ مُتْلَفٌ بَطَلَ الرَّدُّ وَيُرْجَعُ بِالْأَرْشِ أَوْ غَيْرُ مُتْلَفٍ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى غَسَلَهُ رَدَّ النَّقْصَ فِي التَّدْلِيس وَغَيره لِأَن صون مَاله يلْبسهُ وَلَا يَرُدُّ فِي وَطْءِ الثَّيِّبِ شَيْئًا فِي التكبر وَغَيره وَله الْإِمْسَاك فِي التكبر فِي غَيْرِ التَّدْلِيسِ وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ أَوْ يَرُدُّهَا وَمَا نَقَصَتْ وَيَخْتَلِفُ فِي التَّدْلِيسِ هَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ انْتَفَعَ أَوَّلًا بِخِلَافِ اللِّبَاسِ لِأَنَّهُ يَصُونُ مَالَهُ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَوْ بَاعَ الْبِكْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَتْ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِخُرُوجِ هَذَا النَّقْصِ عَنِ الْبَيْعِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَخْتَصُّ الْمُدَلِّسُ بِخَمْسِ مَسَائِلَ إِذَا تَصَرَّفَ المُشْتَرِي فِيهَا تصرف مثلهَا لَا يرد إِن شَاءَ إِنْ رَدَّ وَإِذَا عَطَبَ الْمَبِيعُ بِسَبَبِ التَّدْلِيسِ أَو بِعَيْب يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ فَغَيْرُ الْمُدَلِّسِ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ بِخِلَافِ الْمُدَلِّسِ وَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إِذَا رُدَّتِ السِّلْعَةُ لِدُخُولِ الْمُدَلِّسِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُدَلِّسِ وَتَنْفَعُ الْبَرَاءَةُ غَيْرَ الْمُدَلِّسِ وَلَا تَنْفَعُ فِيمَا دَلَّسَ بِهِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَغَابَ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ غييته وَلَمْ يَأْبِقْ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ أَعْلَمْهُ بِإِبَاقِ شَهْرٍ وَهُوَ يَأْبِقُ سَنَةً إِنْ هَلَكَ فِي الَّذِي بَينه فَلَيْسَ كَالتَّدْلِيسِ وَإِلَّا فَكَالتَّدْلِيسِ وَكَذَلِكَ كَلُّ عَيْبٍ سَكَتَ عَنْ بَعْضِهِ وَقِيلَ إِذَا قَالَ إِذَا أَبَقَ مَرَّةً وَكَانَ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَبَقَ رَجَعَ بِقَدْرِ مَا كَتَمَ وَلَيْسَ كَالتَّدْلِيسِ وَقِيلَ إِنْ بَيَّنَ أَكْثَرَ الْعَيْبِ الَّذِي هَلَكَ بِهِ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِلَّا بِقَدْرِ مَا كَتَمَهُ إِلْحَاقًا لِلْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ إِنْ هَلَكَ فِي الْإِبَّانِ بِعَيْبِ الْإِبَاقِ فَقَطْ إِلَّا أَن يهلكه الْإِبَاق إِلَى عَطَبٍ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَلَوْ دَلَّسَ بِالْحَمْلِ فَعَلِمَهُ الْمُبْتَاعُ فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى مَاتَتْ فَهِيَ مِنَ الْمُبْتَاعِ لِرِضَاهُ بِالْحَمْلِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَا يُرَدُّ ثَمَنٌ وَلَا قِيمَةُ عَيْبٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا أَنْ يُبَادِرَ فِي الطَّلَبِ وَلَمْ يفرط أَو يُمكن من الرَّد ولاكن فِي وَقْتٍ لَا يُعَدُّ فِيهِ رَاضِيًا لِقُرْبِهِ كَالْيَوْمِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بِعْتَ عَبْدًا بِعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ فَوَجَدْتَهُ مَعِيبًا لَكَ رَدُّهُ وَأَخْذُ عَبْدِكَ أَوْ عَرْضِكَ إِلَّا أَنْ يَهْلِكَ أَوْ يُبَاعَ أَوْ يَتَغَيَّرَ سُوقُةُ أَوْ بَدَنُهُ فَلَكَ الْقِيمَةُ يَوْمَ العقد وَلَو بِعْت بمثلي رجعت بِالْمثلِ بهد الْهَلَاكِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ كَالْعَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وُجِدَ بِبَعْضِ الرَّقِيقِ عَيْبًا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِ الْجُمْلَةِ رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ أَو انْفَرَدَ نَقَصَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْجُمْلَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فِي الْحَمْلِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ يَرُدُّ حِصَّتَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلَعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَسَمُّوا لِكُلِّ سِلْعَةٍ ثَمَنًا فَظَهَرَ عَيْبٌ بِأَحَدِهَا لَمْ يُنْظَرْ لِلتَّسْمِيَةِ بَلْ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيَمِ الثِّيَابِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ لَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رده بِحِصَّتِهِ والألم يَكُنْ لَهُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ إِلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَو يرد الْجَمِيع لِأَنَّهُ فِي معنى الحملة وَوَجْهُ الصَّفْقَةِ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ سَبْعِينَ وَالثَّمَنُ مِائَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ السِّلَعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ذَهَبَ الْمِثْلِيُّ أَوْ أَكَلَهُ خَيَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ غُرْمِ الْمِثْلِ مُعَيَّنًا أَوْ يُمْسِكُ وَلَا شَيْءَ وَأَشْهَبُ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَهُوَ أَحْسَنُ لِلْكُلْفَةِ فِي الشِّرَاءِ فَإِنْ جُهِلَ مِقْدَارُهُ كَانَ كَالسِّلَعِ كَالْكَتَّانِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ وَسَطُ الْعَدْلِ وَآخِرُهُ وَإِنْ فَاتَ الْجِزَافُ خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِالْعَيْبِ أَوْ يَرُدُّ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْجِزَافَ كَالْعُرُوضِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي النَّقْدِ قَبْلَ المحاكمة فِي الْعَيْب إِن كَانَ مما يَحْكُمُ بِهِ فِي الْحَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ النَّقْدُ حَتَّى يَتَعَيَّنَ بِإِخْرَاجِ الْأَرْشِ وَإِلَّا نَقَدَ لِتَعَيُّنِ وَقت النَّقْد دون الْعَيْب.
فرع:
إِذا تنَازعا فَقدم البَائِع لأجل عَن الْعَيْب صدق البَائِع فِي التَّقْوِيم لِأَنَّهُ يَدعِي عَلَيْهِمَا الرَّد وَأرش الْعَيْب.
فرع:
فِي الْكتاب الْعلَّة فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ الزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَالسِّمَنِ وَوِلَادَةِ الْأَمَةِ وَمَهْرِهَا وَنِتَاجِ الْمَاشِيَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَخَرَاجِ الْعَبْدِ وَتَمْرِ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ مَجَّانًا إِلَّا الْوَلَدَ وَالسِّمَنَ يَرُدُّهُمَا مَعَ الْأَصْلِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَزَاد لَا يَرُدُّ الْوَلَدَ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَقَالَ ح الزَّوَائِدُ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَنَقَضَ أَصْلَهُ بِالْغَلَّةِ وَالْكَسْبِ وَحُدُوثُ الزَّوَائِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَلَاكُهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ حُدُوثِهَا لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى هَذِه النُّصُوص وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَلَمْ يَتَنَاوَلِ الْعَقْدُ الزَّوَائِدَ بَلِ اسْتَفَادَهَا الْمُشْتَرِي بِمِلْكٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهَا حُكْمُ الْفَسْخِ كَمَا لَا يَتَنَاوَلُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ إِذَا حَدَثَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ اسْتَغَلَّ غُلَامِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَأَمَّا السِّمَنُ وَنَحْوُهُ فَتَبَعٌ لِلسِّمَنِ فِي الْفَسْخِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعَقْدِ احْتَجَّ بِأَنَّهَا نَاشِئَةٌ عَنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَرُدُّهُ بِالسِّمَنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْفَسْخُ عَلَيْهَا لَزِمَ خِلَافه الْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْفَسْخُ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَصْلِ فَقَطْ لَا يَمْلِكُ الزَّوَائِدَ مِنْ مُوجِبِ الْعَقْدِ وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُ الْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ مُوجِبِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السِّمَنَ مُتَّصِلٌ بِلَحْمِ الْمَبِيعِ لَا بِمن نَوعه وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْفَسْخَ وَقَعَ فِي الْأُمِّ وَالزَّوَائِدِ بِمُوجِبِ الْمِلْكِ لَا بِمُوجِبِ الْعَقْدِ كَمَا يبْقى لِلْبَائِعِ تَبْقَى لِلْمُشْتَرِي احْتَجَّ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى رَدِّ الْوَلَدِ بِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَالْوَلَدُ خَرَاجٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَرَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَلَدَ يُسَمَّى خَرَاجًا بَلْ هُوَ كَالْعُضْوِ يَتْبَعُ الْأَبَوَيْنِ فِي الْعُقُودِ كَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَالِاكْتِسَابُ لَا يَتْبَعُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَلَدَ عَلَى خُلُقِ أُمِّهِ فَيَتْبَعُهَا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا غَلَّةَ فِيهِ يَوْم البيع وَلَا يَوْم الرَّد واعتل فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنِ اشْتَرَى شَاةً لَا صُوفَ عَلَيْهَا ثُمَّ حَدَثَ فَجَزَّهُ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا رَدَّ وَكَانَ لَهُ مَا جَزَّهُ وَقْتَ جِزَازِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ قَامَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الجزاز قهو يَكُونُ غَلَّةً بِالتَّمَامِ أَوْ بِالْغَلِّ أَوْ بِالْجَزِّ قِيَاسا على الثِّمَار هَل يكون غلَّة فِي الطّيب أَو باليبس أَو بالجذاذ وَإِن كَانَ الصُّوفُ تَامًّا عِنْدَ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يرد لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لَهُ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ فَإِنْ عَادَ صُوفٌ آخَرُ جُبِرَ الصُّوفُ بِالصُّوفِ وَهُوَ لَيْسَ من جبر الْعين يَا لولد وَالْوَلَدُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَا يَغْرَمُ مَا حَلَبَ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً عِنْدَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُصَرَّاةً عِنْدَ الرَّدِّ لَهُ حَلْبُهُ لِأَنَّ الْحَلب كالجذاذ وَالْجَزِّ وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ مَأْبُورَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يردهَا وَإِن جذت أَوْ مَكِيلَتُهَا إِنْ فَاتَتْ أَوِ الْقِيمَةُ إِنْ جهلت لِأَنَّهَا مبيعة قَالَ وَرَأى أَنْ تَمْضِيَ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ تَمَّتْ وَانْتَقَلَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ إِذا طابت وَلم تجذ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ فَتَمَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا اشْتَرَاهَا وَلَا ثَمَرَةَ فِيهَا فَيَجِدُهَا مَعِيبَةً قَبْلَ حُدُوثِ ثَمَرَةٍ فَلَهُ رَدُّهَا وَلَا يَرْجِعُ بِسَقْيٍ وَلَا عِلَاجٍ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ غير مُتَبَرّع وَيَنْبَغِي أَن تجْرِي عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ أَوِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَإِنْ حَتَّى كَانَ ثَمَرًا فَوَجَدَ الْعَيْبَ مِثْلَ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب خلافًا لسَحْنُون وَعبد الْملك فَإِن جذ الثَّمَرَة فِي هَذِه الْحَالة فكجذاذة قَبْلَ الْإِبَارِ وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكُونُ الثَّمَرَةُ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالِاسْتِحْقَاقُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْإِبَارُ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ فِعْلًا بِهِ فِي حَالَةٍ تَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ وَبِالطِّيبِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبَيْعِ مُفْرَدَةً دُونَ الْأُصُول وكالجذاذ لِأَنَّهَا قبل الْجذاذ حَاصِلَة فِي الْأُصُول أول تبع لَهَا فتتبع الْأُصُول كَغَيْر المؤبر فَإِن اشْتَرَاهَا بثمرة وَلم تُؤَبَّرْ فَوَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَرُدُّهَا وَيُرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ لِأَنَّهُ غير مُتَبَرّع بل أنْفق على ثمن الْمِلْكِ وَقَدْ فَاتَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَقْتَضِي عدم الرُّجُوع فَإِن جذ الثَّمَرَة قبل الْقيام بِالْعَيْبِ كَانَ نقضا يُوجِبُ الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَيَرُدُّ مَا نَقَصَ أَوِ الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ فَوَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ فَكَالْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ يجد الْعَيْب بعد كَمَا تقدم فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ فَوَجَدَ الْعَيْبَ وَقَدْ طَابَتْ فَكَالْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ ثُمَّ يَجِدُ الْعَيْبَ عِنْدَ الطِّيبِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ مَأْبُورَةٍ فَوَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ الطِّيبِ رَدَّهَا بِثَمَرِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب فَإِن جذ الثَّمَرَة قبل وجد أَن الْعَيْبَ خُيِّرَ بَيْنَ الرَّدِّ وَمَا نَقَصَ أَوْ يمسك وَيرجع بِقِيمَة الْعَيْب كجذه قَبْلَ الْإِبَارِ فَإِنِ اشْتَرَاهَا وَفِيهَا ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ فيجد الْعَيْب بعد الطّيب ردهَا بِثمنِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ وَلَمْ يُمْضِهَا إِذَا فَاتَتْ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ كَمَا أَمْضَاهَا فِي الشُّفْعَةِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدُوسٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَالَ أَشهب إِن جذت فَهِيَ غلَّة فيتحصل فِيهَا أَقْوَال برد مَعًا مُطلقًا للْمُبْتَاع تُمْضَى بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي أَو الثَّالِث فَفِي حد ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الطِّيبُ الْبَيِّنُ الْجِذَاذُ وَلَوْ ذهبت الثَّمَرَة بجائحة هَا هُنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ رَدَّ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ قَدْ طَابَتْ رَدَّهَا بِثَمَرِهَا لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ فَإِنْ فَاتَتْ فَالْمَكِيلَةُ إِنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا مَضَتْ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ وَرَدَّ النّخل بِمَا ينوبها وَقيل يرد قِيمَته الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ وَالرَّدُّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ غَيْرَ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَجِذَاذُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ الْإِبَارِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الطِّيبِ فَوْتٌ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدي توخذ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالشَّفِيعُ وَالْمُسْتَحَقُّ إِلَّا الْيَسِيرَ فَإِذَا يَبِسَتْ فَلَا يَأْخُذُهَا وَكَذَلِكَ إِذَا تَوَلَّدَتْ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوِ الْبَيْعِ الْفَاسِد والفلس مَا لم تزايل الْأُصُول ابْنُ رُشْدٍ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْخَمْسِ الثَّمَرَة وَغَيرهَا.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالدَّارِ وَالْحَائِطِ زَمَنَ الْمُخَاصَمَةِ حَتَّى يَحْكُمَ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ وَلَا لِبْسُ الثَّوْبِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ اللِّبَاسَ يَنْقُصُ وَالْوَطْءَ يَعْتَمِدُ اسْتِقْرَارَ الْمِلْكِ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ رِضًا بِالْعَيْبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرَيْنِ لَزِمَهُ الْعَيْبُ إِنِ اسْتَعْمَلَ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَن الْغلَّة بِالنَّفَقَةِ فَصَارَت الغلات ثَلَاث أَقْسَامٍ قِسْمَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بِالدَّابَّةِ فِي سَفَرِهِ فَرَكِبَ فَهَلْ يَكُونُ رِضًا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ نَظَرًا لِكَوْنِهِ كَالْمُكْرَهِ بِالسَّفَرِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ غَيْبَةِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الرَّفْعَ لِلْحَاكِمِ مِمَّا يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ جَهِلَ الصُّوفَ بَعْدَ فَوْتِهِ حَيْثُ يَرُدُّهُ رَدَّ اللَّحْمَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا انْتَزَعْتَ مَالَ الْعَبْدِ ثُمَّ رَدَدْتَهُ رَدَدْتَ مَالَهُ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ انْتِزَاعِكَ لَمْ يَلْزَمْكَ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّكَ لَمْ تَشْتَرِهِ بَلْ مَالُ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ هَلَاك الثَّمَرَة بِأَمْر سماوي قبل جذاذها.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا نَقَضْتَ الثَّوْبَ بِلُبْسِكَ رَدَدْتَ النَّقْصَ فِي التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّكَ صَوَّنْتَ بِهِ مَالك.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا نَقَلَ الْمَبِيعَ ثُمَّ عَيْبٌ دَلَّسَ بِهِ قَبْلَ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّ فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرْفَعُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيُبَاعُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ النَّقْلُ فَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ إِلَّا فِي العَبْد وَالَّذِي كُلْفَةَ فِي رُجُوعِهِ فَإِنْ وَجَدَ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مَالَهُ حَمَلَ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَمْسِكُ وَأَرْجِعُ بِالْعَيْبِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَعَنْ مَالِكٍ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرَّدِّ وَبَيْنَ وَضْعِ قَدْرِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ قَدْ تضرر بِفَوَات مصلحَة النَّقْل وَكَذَلِكَ اخْتلف فِي الغاضب فَالْمُشْتَرِي أَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنَ اجْتِمَاعِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لَا حَمْلَ لَهُ فَالْمَقَالُ لِلْبَائِعِ إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ عَامِرًا وَإِلَّا فَلَا مقَال لوَاحِد مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَعَالِمًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُ جَبَرَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبُولِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي دَفْعُ مِثْلِهِ بِبَلَدِ العقد وجبره على الْأَخْذ هَا هُنَا إِنْ دَلَّسَ وَإِلَّا فَلَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتِبُ أَوِ الْمَأْذُونُ ثُمَّ عَجَزَ الْمكَاتب وَحجر على الْمَأْذُون فللسيد الْقيام بِمَا لَهما فِي الْعُهْدَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوِ الرِّضَا بِهِمَا لِعَوْدِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ رَضِيَا قَبْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ أَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِبَرَاءَةِ الْبَائِعِ من الْعُيُوب لَزِمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بَاعَ الْمُكَاتِبُ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ عَجْزِهِ وَيُبَاعُ لَهُ وَيَتْبَعُ بِمَا نَقَصَ وَلَهُ الْفَضْلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتِبِ دَيْنٌ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِالرَّدِّ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ هُوَ أَحَقُّ بِالْمَبِيعِ كَالْحرِّ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا بِعْتَ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَتِهِ لَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَكَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهَا وَأَعْتَقْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَدِّهَا وَاتِّبَاعُكَ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهَا نَظَرًا لِصُورَةِ الْمُعَامَلَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ رَدَدْتَهَا عَلَيْهِ وَاتْبَعْتَهُ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا مَوْرِدُ الْعَقْدِ وَكَأَنَّكَ إِذَا قَاطَعْتَ الْمُكَاتِبَ عَلَى عَبْدِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّكَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَلَى عَبْدِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّكَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ ثُمَّ ظَهَرَ مَعِيبًا رَجَعْتَ بِمِثْلِهِ فترجع الرطب ثلالثة فِي الْمُعَيَّنِ لَا تَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ وَفِي الْمَوْصُوفِ تَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَفِي الْمُعَيَّنِ لِغَيْرِهِ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ قَبَضْتَ عَبْدًا مِنْ مُسْلِمٍ فَمَاتَ فِي يَدِكَ ثُمَّ ظَهَرْتَ عَلَى عَيْبٍ رَدَدْنَا الْقِيمَةَ لِضَمَانِكَ بِالْقَبْضِ وَرَجَعْتَ بِمِثْلِهِ تَوْفِيَةً بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَعَنْ سَحْنُونٍ يَرْجِعُ غَيْرَ أَنَّ الْأَرْشَ الرُّبُعُ وَيَكُونُ شَرِيكًا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّكَ قَبَضْتَ الْعُقُود عَلَيْهِ إِلَّا حِصَّةَ الْعَيْبِ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالْأَرْشِ مِنَ الْقِيمَةِ لَا مِنَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمعِين لِأَنَّهُ يتفسخ العقد فِيهِ بِالرَّدِّ وَهَا هُنَا يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ مَالًا.
فرع:
لِلْوَارِثِ الْقِيَامُ بِعَيْبِ مَوْرُوثِهِ فَإِنِ ادَّعَى الْبَائِعُ الْبَرَاءَةَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إِلَى غَيْرِكَ فَإِنْ رَجَعَ قَالَ مَالك فلك وَإِلَّا حَلَفَ مِنَ الْوَرَثَةِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ وَجُهِلَ الثَّمَنُ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ رَجَعَ الْوَرَثَةُ بِالْأَرْشِ مِنَ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَكَ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إِلَى غَيْرِكَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى مِلْكِكَ فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ رَجَعَ بِشِرَاءٍ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخَيَّرُ فِي الرِّضَا وَالرَّدِّ عَلَيْكَ فَإِنْ رَدَّهُ رَدَدْتَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ رَضِيَ فَعَنْ مَالِكٍ لَا رُجُوعَ لَكَ بِعْتَ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَمْ لَا وَعَنْهُ إِنْ بِعْتَ بِأَقَلَّ رَجَعْتَ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ فَلَكَ رَدُّهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَكَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ لِأَخْذِكَ الْأَوَّلَ بِالْعُهْدَةِ وَإِنِ اشْتَرَيْتَ مِنَ الْمُشْتَرِي مِنْكَ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ مِنْكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْكَ بِتَمَامِ ثَمَنِهِ لَا بِالْأَقَلِّ لِأَن لَهُ رد عَلَيْكَ وَهُوَ الْآنَ فِي يَدَيْكَ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِكَ بِأَقَلَّ مِمَّا ابْتَاعَهُ مِنْكَ فَرَضِيَهُ مُبْتَاعُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ إِلَّا بِالْأَقَلِّ وَلَوْ وَهَبَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْكَ لَكَ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكَ لرجع بِقِيمَة الْعَيْب من الثّمن الَّذِي مِنْهُ بِهِ ثُمَّ لَكَ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِكَ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَرِثْتَهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ مِنْكَ رَدَدْتَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا وَجَبَ لِلْمَيِّتِ وَرِثْتَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ لَا يُمَكَّنُ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَ سَلِيمًا حَتَّى يُعَيِّنَ عَيْبًا فَيَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ مُمْكِنَ الْحُدُوثِ عِنْدَهُمَا حَلَفَ الْبَائِعُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ يَعِيبُ فَإِنْ أَحْلَفَهُ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ بِقُرْبِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَبَقَ عِنْدَكَ لِعَدَمِ نَفْيِ سَبَبِ الْيَمِينِ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي تنقيص الْعَيْب لثمن وَفِي قِدَمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ وَتُقْبَلُ الْمَرْأَتَانِ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ وَالْحَمْلِ وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ سَاقِطٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْعَدَالَةِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عِنْدَ الْعَقْدِ حِسًّا فَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ عَيْبًا وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ فَإِنْ وُجِدَ قَدِيمًا وَمَشْكُوكًا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْكُوكِ لِأَنَّهُ يَرُدُّ بِالْقَدِيمِ وَيَغْرَمُ فِي الْمَشْكُوكِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُدُوثِ عِنْدَهُ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِخِلَاف انْفِرَاده وَقَالَهُ ابْن سهل وَقَالَ ح وش الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وَهَا هُنَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ سَلَامَةُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغُرْمِ وَسَلَامَةُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا يَغْرَمُ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي الْمَشْكُوكُ حَادِثٌ فَأَنَا أُمْسِكُ وَآخُذُ الْأَرْشَ وَقَالَ الْبَائِعُ قَدِيمٌ فَإِمَّا أَنْ تُمْسِكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ تَرُدَّ صُدِّقَ الْبَائِعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَصُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْهُ عِنْد العقد وَمَتى قُلْنَا يصدق فَلهُ الْيَمِينِ عَلَى الْآخَرِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَصْلٌ فِي رَدِّ أَيْمَانِ التُّهَمِ لِأَنَّهُمَا فِي حَالِ الدَّعْوَى مُسْتَوَيَانِ فِي الشَّكِّ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِحُدُوثِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بَاعَ ثُمَّ اشْتَرَى مِنَ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ ثُمَّ وَجَدَ مَشْكُوكًا فِيهِ وَأَحَبَّ التَّمَسُّكَ فَالْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَارْتَجَعَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ فَإِنْ أَحَبَّ الرَّدَّ حَلَفَا جَمِيعًا فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ حَلَفَ الْآخَرُ وَارْتَجَعَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ وَنَكَلَ الْآخَرُ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ شَكَّ هَلْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ عِنْده قبل وَلَا حدث بعد أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ وَيَبْرَآنِ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنِ الْوَجْهَيْنِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنَقْصِ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ فِي الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَنَكَلَ عَنْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ حَدَثَ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَغْرَمْ وَلَا يَرُدُّ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ نَكَلَ وَالْيَمِينُ لَا تُرَدُّ عَلَى مَنْ نَكَلَ عَنْهَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى تَقَدُّمِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى قَالَ أَصْبَغُ إِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي نَكَلَ عَنْهَا الْمُشْتَرِي قَالَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَأَرَى إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى قِدَمِهِ وَعَلَى عِلْمِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِيَ هُوَ اعْتَرَفَ عِنْدِي بِذَلِكَ كَانَتْ يَمِينُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَتِّ وَرَدَّهَا عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْيَقِينَ وَإِنْ قَالَ الشَّاهِدُ لَا أَعْلَمُ عِلْمَ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا عِلْمَ لِي سِوَى قَوْلِ الشَّاهِدِ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يُكَلَّفُ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتِّ وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُ بَلِ الْيَمِينُ مِنْ جِهَة البيع هَا هُنَا كَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ وَإِنْ قَالَ الشَّاهِدُ عَلِمَ بِذَلِكَ الْبَائِعُ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ صِدْقِهِ كَانَتِ الْيَمِينُ فِي جِهَةِ الْبَائِعِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي تَكْذِيبِ الشَّاهِدِ وَعَلَى الْعلم فِي قدم الْعَيْب فَإِن حلف عَن الْعَيْبِ وَحَلَفَ عَلَى تَكْذِيبِ الشَّاهِدِ رَجَعَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِلْمِ كَمَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ تَكْذِيبِهِ رَدَّ الْبَيْعَ وَلَمْ يَرُدِّ الثَّمَنَ وَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي بِصِدْقِ الشَّاهِدِ وَلَمْ يَقْطَعْ بِمَعْرِفَةِ الْبَائِعِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي احْلِفْ أَنَّكَ لَمْ تَرَ الْعَيْبَ وَلَمْ تَبْرَأْ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَاهُ إِيَّاهُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْيَمين فَإِن ادّعى مخبرا أخبرهُ أَنه رَآهُ ورضيه أَو بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ لِاسْتِنَادِ الدَّعْوَى إِلَى سَبَبٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي تَكْذِيب يتَوَصَّل إِلَى يَمِينٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَيُمْكِنُ إِحْضَارُ الْمُخْبِرِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ إِنْ كَانَ عَدْلًا أَوْ يَكُونُ لَطْخًا إِنْ كَانَ حَسَنَ الْحَالِ وَلَيْسَ بِلَطْخٍ إِنْ كَانَ سَاقِطَ الْحَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَوَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَرُ بِذَهَابِ النُّورِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَرُدُّ بِهِ وَإِنْ طَالَ وَبِطَمْسِ الْعين لَا يرد بِهِ فَإِن قرب إِلَّا بِقرب الشِّرَاء وَلذَلِك قَطْعُ الْيَدِ إِنْ قَلَبَ يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ لم ير الْعَبْدُ هَذِهِ الْيَدَ حَلَفَ فِيمَا قَرُبَ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَى مِنْ بَعْضِ النَّخَّاسِينَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْده ثَلَاثَة أشهر حَتَّى صرع حَالُهُ لَا يَرُدُّونَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَشْتَرُونَ إِنْ وَجَدُوا رِبْحًا بَاعُوا وَإِلَّا خَاصَمُوا فَأَرَى أَنْ يُلْزَمُوا مَا عَلِمُوا وَمَا لَمْ يَعْلَمُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُونَ فِي الْخَفِيِّ وَيُلْزَمُونَ الْجَلِيَّ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذْ لَمْ يُوجَدُ مَنْ يَعْرِفُ الْعُيُوبَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ قُبِلَ غَيْرُهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَا طَرِيقَةَ لِلْخَبَرِ بِمَا يَنْفَرِدُونَ بِعِلْمِهِ.
فرع:
قَالَ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنِّي بِعْتُهُ وَيُرِيدُ فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَقْوِيَةٍ وَأَقْبَضْتُهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ.
فرع:
قَالَ حَيْثُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ فَصَرَّحَ بِالرَّدِّ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى يَدِ الْبَائِعِ فَأَيُّهُمَا يَضْمَنُهَا أَقْوَال ثَالِثهَا إِن حكم بِهِ حَاكم فَمن الْمُبْتَاع ويلاحظ هَا هُنَا هَلِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ فَيَكُونُ مِنَ الْبَائِعِ أَوِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَيَكُونُ مِنَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ قَدْرِ التَّسْلِيمِ هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَيَقُولُ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ فَيَكُونُ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ جَنْبِهِ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا الْخِلَافَ مَعَ وجود الحكم ينظر إِلَى صِفَتِهِ هَلْ هُوَ حَكَمَ بِتَخَيُّرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الضَّمَانُ مِنْهُ أَوْ بِالرَّدِّ فَمِنَ الْبَائِعِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ أَصْبَغُ يَدْخُلُ الْعَيْبُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْعَيْبِ وَعَدَمِ الرِّضَا وَالَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَيَرْضَى الْبَائِعُ بِقَبْضِ الْمَعِيبِ أَوْ قَبُولِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقِيلَ لَا يَكْفِي الثُّبُوتُ حَتَّى يَحْكُمَ بِالرَّدِّ وَلَا خِلَافَ فِي الدُّخُولِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ وَامْتَنَعَ الْمُبْتَاعُ حَتَّى يَرُدَّ الثَّمَنَ فَهَلَكَ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَحْبُوسَيْنِ بِالثَّمَنِ وَقَالَ ش لَا يَفْتَقِرُ الرَّدُّ إِلَى حُضُورِ الْبَائِعِ وَلَا رِضَاهُ وَلَا حُكْمِ حَاكِمٍ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا بَعْدَهُ وَقَالَ ح قَبْلَ الْقَبْضِ يَفْتَقِرُ إِلَى حُضُورِهِ دُونَ رِضَاهُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَفْتَقِرُ إِلَى رِضَاهُ لِأَنَّ ملكه تمّ على الثّمن فيتقرر نَقْلُهُ عَنْهُ إِلَى رِضَاهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ رَفْعُ مُسْتَحَقٍّ بِالْعَقْدِ فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ كَالطَّلَاقِ سُؤَالٌ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُنَا نَقْضُ العقد من جنبه أَو من أَصله والرافع يَسْتَحِيلُ رَفْعُهُ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عِنْدَ غَيْرِنَا مِنَ الْمَذَاهِبِ فَإِنْ قُلْتَ الْمُرَادُ رَفْعُ الْآثَارِ قُلْتُ الْآثَارُ وَاقِعَةٌ أَيْضًا يَسْتَحِيلُ رَفْعُهَا فَيَتَعَيَّنُ أَنَّهُ رَفْعُ الْآثَارِ دُونَ الْعَقْدِ جَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا مِنْ أَصْلِهِ أَيْ أَنَّا حَكَمْنَا الْآنَ بِعَدَمِ دَوَامِ تِلْكَ الْآثَارِ وَبِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا مَعْدُوم تَقْديرا لَا تَحْقِيقا وشأن الشَّرْعِ فِي التَّقْدِيرَاتِ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ كَالنَّجَاسَةِ مَعَ الضَّرُورَةِ وَالضَّرَرِ الْيَسِيرِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَإِعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ سَابِقًا فِي الْعِتْقِ عَلَى الْعِتْقِ وَتَقْدِيرُ مِلْكِ الدِّيَةِ سَابِقًا عَلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَصِحَّ إِرْثُهُ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ يُعَاقَبُ الْغَاشُّ لِمَعْصِيَتِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا وَلَا تفارق مناعة لِأَنَّ مَالَ الْعُصَاةِ مَعْصُومٌ إِلَّا يَسِيرَ اللَّبَنِ وَيَسِيرَ الْخُبْزِ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّأْدِيبَ بِالْأَمْوَالِ تَرْوِيجٌ كَالْكَفَّارَاتِ وَلَا يُرَدُّ إِلَيْهِ الزَّعْفَرَانُ الْمَغْشُوشُ وَنَحْوُهُ بَلْ يُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يُدَلس بثمرة أُخْرَى وَيُرَدُّ إِلَيْهِ مِنْ كِسَرٍ مِنْ خُبْزٍ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَامُ مِنَ السُّوقِ.
فرع:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْلِطُ الْقَمْحَ بِدُونِهِ وَيُعَاقَبُ الْفَاعِل وَكَذَلِكَ الْقَمْحُ بِالشَّعِيرِ لِأَنَّ النَّاسَ يَنْفِرُونَ مِنْ ذَلِكَ إِذَا اطَّلَعُوا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُتَأَصِّلِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ إِلَّا التُّمُورَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ الْجذاذ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فَإِنْ خَلَطَ الْقَمْحَ بِالشَّعِيرِ لِعِيَالِهِ كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ فَضْلَتِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ وَخَفَّفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم بيع الجزار الْهَزِيلَ بِالسَّمِينِ وَالْمُشْتَرِي يَرَى ذَلِكَ وَيَجْهَلُ هَذَا مِنْ هَذَا كَالشِّرَاءِ بِالدِّرْهَمَيْنِ بِخِلَافِ عِشْرِينَ رِطْلًا لِأَنَّهُ خَطَرٌ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ صَبُّ المَاء على الْعصير لَيْلًا يَصِيرَ خَمْرًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا يَحِلُّ خلط لبن بقر وغنم وَأَن يُبينهُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غِشٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ خَلْطَ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ مِنْهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنْ بَيَّنَ مَضَى وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَيَلْزَمُهُ تَبَيُّنُ مِقْدَارِهِمَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بِعْتَ مِنَ البَائِع مثل الثَّمَنِ فَلَا يَرْجِعُ فِي تَدْلِيسٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّكَ عَاوَضْتَ عَلَى السِّلْعَةِ سَلِيمَةً أَوْ بِأَقَلَّ قبل علمك رجعت بِتمَام الثّمن دلّس أَولا لِتَعَيُّنِ الضَّلَالَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَيْكَ إِنْ دَلَّسَ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ ثُمَّ لَكَ رَدُّهُ عَلَيْهِ أَوْ تَتَقَاصَّانِ إِنْ شِئْتُمَا وَإِنْ بِعْتَهُ ثُمَّ عَلِمْتَ بِالْعَيْبِ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي غُرْمِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَعِيبِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْعَيْبِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنْ رَدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ الْعَبْدِ بِالْعَيْبِ وَكَانَ الْبَائِعُ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَيْبِ مثله أَخْذُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي لِذَهَابِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا بَاعَ بِأَقَلّ من نصف الثّمن بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ نِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ وَوَهَبَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي الْمَوْهُوبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ وَهَبَ نِصْفَهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ بِيَدِهِ وَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ غُرْمِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ نِصْفَ الثّمن.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقِيَامُ بِالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ عَلَى أَرْبَعَة أوجه فَنَقُول المُشْتَرِي يُمكن أَن يكون عَبدك فَاحْلِفْ لِي وَلَمْ نَطَّلِعْ مِنْكَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَخْبَرْتَ بِذَلِكَ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدِي وَأَخْبَرْتَ بِحُدُوثِهِ عِنْدَكَ أَوْ عَلِمْتُ بِحُدُوثِهِ ذَلِكَ عنْدك فَعَلَيهِ الْيَمين هَا هُنَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ دَعْوَى الْعِلْمِ وَثُبُوتِ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَاهُمَا يُحَلِّفُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُمْكِنٌ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ سَدًّا لِاتِّسَاعِ الدَّعَاوِي عَلَى الْبَائِعِينَ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ كُنْتُ أَبَقْتُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ لُطِّخَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا ظَهَرَ بِأَحَدِ الْخُفَّيْنِ أَوِ الْمِصْرَاعَيْنِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ رَدَّ الْجَمِيعَ أَوْ يَرْضَى بِهِمَا لِأَنَّ تَفْرِيقَهُمَا ضَرَرٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ فِي الرَّدِّ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِلَّا أَنْ يُدَلِّسَ لِدُخُولِ الْمُدَلِّسِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إِلَّا أَنْ يُدَلِّسَ السِّمْسَارُ مَعَهُ فَيَرُدُّ لِدُخُولِهِ هُوَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا إِذا زِدْت على البَائِع كرها أما لَو قبل بِاخْتِيَار السَّمْسَرَةِ وَلَوِ اسْتُحِقَّتْ مِنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ فَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا نَقَصَهُ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى السِّمْسَارِ بِمَا يَنُوبُ مَا دَفَعَ الْبَائِعُ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِنْ رَدَّ بِطَوْعِهِ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ حَدَثَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ عَيْبٌ مُفْسِدٌ وَاطَّلَعَ على عيب قديم فرجح بِقِيمَتِهِ رَدَّ السِّمْسَارُ مِنَ الْجُعْلِ مَا يَنُوبُ الْعَيْبَ لِأَنَّهُ جُزْءُ السِّلْعَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ الْمَرْدُودُ غَيْرُ الْمَبِيعِ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ إِنْ كَانَ الْمَرْدُودُ يُشْبِهُ الثَّمَنَ وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ الثَّمَنُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْبَائِعُ خَمْسَةٌ أَوْ عَرْضٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ إِلَّا أَنْ يَأْتِي بِمَا لَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَيَا جَمِيعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ رَدَّ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ يَوْمَ قَبْضِ السِّلْعَةِ مُعَيَّنَةً قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الثَّمَنَ إِنَّمَا كَانَ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا أَوْ نُكُولِهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْحَالِفُ وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَذَّبَ دَعْوَاهُ بِنُكُولِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا عَلَّمَ الرَّقِيقَ صَنْعَةً تَرْفَعُ قِيمَتَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ الرَّدُّ أَوْ يَحْبِسُ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلْزَامُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ يَكْبُرُ وَالْكَبِيرُ يَهْرَمُ فَفَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ هَذِهِ عَيْنٌ أُخْرَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَانَ يَجِبُ فِي التَّعْلِيمِ الْإِمْسَاكُ وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِمَا أَنْفَقَ فِي التَّعْلِيمِ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَ فَرَدَّ الْعِتْقَ لِلدَّيْنِ وَيَبِيعُ فِيهِ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ أُعْدِمَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ الْعَيْبِ وَلَا يَرُدُّهُ لِضَرَرِهِ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَهَا فَلَهُ الرَّدُّ وَمَا نَقَصَهُ التَّزْوِيجُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ لَا يُبْطِلُهُ إِلَّا الطَّلَاقُ وَالْبَائِعُ أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ فَإِنْ وَلِدَتْ فَالْوَلَدُ يَجْبُرُ النَّقْصَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُجْبَرُ النَّقْصُ بِالْوَلَدِ كَمَا جَبَرَهَا.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا خَاطَهُ وَأَحَبَّ الْإِمْسَاكَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْعَيْبِ وَإِنْ أَحَبَّ الرَّدَّ لَمْ يَرُدَّ لِلْقَطْعِ شَيْئًا فِي التَّدْلِيسِ وَكَانَ شَرِيكًا بِالْخِيَاطَةِ بِقِيمَةِ الْخِيَاطَةِ يَوْمَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَحَقُّقِ الشَّرِكَةُ إِنْ زَادَتِ الْخَيَّاطَةُ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ قِيمَةُ الْخِيَاطَةِ لَا بِمَا زَادَتْ وَهُوَ فَرْعُ الْفَسْخِ هَلْ مِنْ جِنْسِ الْعَقْدِ أَوْ من أَصله وَفِي غير المدلس يقدم ثَلَاثَة قيم غير معيب ومعيبا ومقطوعا مُقيما مخيطا فَإِنْ قِيلَ الْأَوَّلُ مِائَةٌ وَالثَّانِي تِسْعُونَ وَالثَّالِثُ ثَمَانُونَ رَدَّ عُشُرَ ثَمَنِهِ وَإِنْ قِيلَ تِسْعُونَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ جَبَرَتِ الْقَطْعَ وَإِنْ قِيلَ مِائَةٌ كَانَ شَرِيكًا بِعَشَرَةٍ هَذَا إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ فَإِنْ صَبَغَهُ وَلَمْ يَقْطَعْهُ وَأَحَبَّ التَّمَسُّكَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَإِنْ رَدَّ كَانَ شَرِيكًا لِمَا يَزِيدُهُ الصَّبْغُ يَوْمَ الرَّدِّ فِي الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ أَثَرَ التَّدْلِيسِ فِي التَّنْقِيصِ لَا فِي الزِّيَادَةِ وَوَافَقَنَا ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَبْطُلُ الرَّدُّ لِأَنَّ الصَّبْغَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ إِلَّا بِرِضَاهُ وَجَوَابُهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ إِمَّا إِلْزَامُ الْمُشْتَرِي مَعِيبًا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَوْ إِلْزَامُ الْبَائِعِ مُعَاوَضَةً لَمْ يَرْضَهَا وَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمَ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَإِنْ نَقَصَهُ لَمْ يَغْرَمْ لِلتَّنْقِيصِ فِي التَّدْلِيسِ وَإِلَّا غَرِمَ وَالِاعْتِبَارُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَإِنْ نَقَصَ يَوْمَ الْعَقْدِ غَرِمَ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ يَوْمَ الرَّدِّ وَإِنْ زَادَ يَوْمَ الْعَقْدِ وَنَقَصَ يَوْمَ الرَّدِّ فَلَا غرم لِأَنَّهُ لورده ذَلِك الْيَوْم بَرِيء.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ حُلِيًّا بِخِلَافِ جِنْسِهِ نَقْدًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَرْشِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ سَكَّةِ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَيَمْتَنِعُ مَا يَخْرُجُ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوْ سَكَّةِ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ دَفَعَ ظُلَامَةً لَا مُعَامَلَةً مَقْصُودَةً وَقَالَ سَحْنُونٌ يُمْنَعُ الصُّلْحُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ كَصَرْفٍ مُسْتَأْخَرٍ.